القائمة الرئيسية

الصفحات

ديوان : - مدرسة بلقيس - للشاعر : محمد زغلال


 

تصميم الديوان



عنوان الديوان    : مدرسة بلقيس 

المؤلف                :  محمد  زغلال 

الطبعة الأولى        :            2005

الايداع القانوني : 

الترقيم الدولي   :            

تصميم الغلاف   : 

لوحة الغلاف     :

مطبعة             : 


جميع حقوق الطبع محفوظة للمؤلف 



                                     --   إهداء   --


                  -- إلى روح أمي -- 


 وليكن النسيان تحديا للألم  ، فهو وحده قادر على إثارة رغبة

 الاستمرار في الحياة ، ولن يستطيع أبدا أن ينزع مني شكل

 الكتابة

وهوسها ، رغم وداعك الأبدي يا أمي .. 


لن يمنعني من مواصلة مشوار كنت تباركين خطواته بٱستمرار . 

اليوم أسر لذكراك ، ان هذه الكلمات المنزوعة من القلب ، ستزهر

 شعرا وأدبا ولن تحتاج إلى تربة تنتظر موعد المطر .. 


                                      --1--


                              **  تقديم  **


لست من بين أولئك الذين يعتبرون الكتابة مجرد توغل في الذات

 لاستخراج المشاهد المستصاغة بالنسبة للقراء ، وإنما هي عملية 

تخضع لمقاييس فنية مرتبطة بشكل من الإيحاءات المشرقة التي 

تتلألأ  في النصوص بعمق  كلما تحرر الجسد من سطوة القلب

 والروح . 

وهذا ما نجده في تجربة الشاعر - محمد زغلال - الذي لا يغلف
 
وجوده بالاختباء خلف الدلالة البلاغية . فوجوده كإنسان في النص
 
مكمل للخطاب الشعري  الواصف للحظة الكتابة ، ناهيك عن

 استعماله للألفاظ التي تسمح للقارىء بالنفاذ إلى عمق الصورة
 
الشعرية التي تحرك وجدانه . كلما اقترب من يقينية الصورة 

 يكتشف أنها لا تتشكل بفعل اللغة فحسب ، وإنما بالمشاهدة

 الحسية . لذا اكتسبت لذتها ومتعتها من ذات الأنثى ، واكتسبت

 الأنثى وجودها العادل من خلال هذه  اللغة المستعملة . والنتيجة

 قصيدة في شكل وثيقة سحرية ممتعة . 

إن ٱستعمال الشاعر لهذه الخصال يأتي من نضج حسه الشعري
 
وتجربته الطويلة ، إذ يعمد في نصوصه على استقراء واقع الحال
 
للتجارب السابقة والتتبع بعناية وتركيز لتطور الأرضية الفكرية
 
الموحية من خلال إدراكه العميق لما ينبغي أن يأتي في النصوص 

( المحدثة ) كي تستوي المسارات الإبداعية في التجربة المعاصرة


                                    --2-- 


 ، أي أن النص مهما كان شكله فهو موجود بالذاكرة قبل أن يظهر في الواقع على شكل جواهر فكرية  يدركها الحس ، من خلال تموضع الحركات المحركة لطبيعة النصوص . ولم يكن هذا صعبا  أبدا على شاعرنا ، لأنه يدرك بعمق كيف يفكك بين المقاربة الوجودية لطبيعة المثن ، والمقاربة الفنية لطبيعة الوجود الشامل للانسان والحياة . انطلاقا من حسه النقدي ومن خلال ما يخطه بأنامال شعرية ، استطاع أن يوفق بين ما يشعر به ويحسه ، وبين ما يريد أن يبوح به من مواقف متفق عليها سلبا أو إيجابا ، معتمدا في ذلك على بنية لغوية  متقنة توفق بين التضارب الحاصل في ثنائية   الحاضر الغائب . وهو يسعى بذلك إلى إثبات وجود اليقين والجحود في الحلم والوحي الذي يتشكل في التجارب الشعرية وبالتالي ينقلنا من ما نحلم به وهو أشد أثرا على النفس ، إلى ما يوحى لنا به وهو أشد تأثيرا على المتلقي .  

  / الدكتور محمد زغلال 
كندا 

                                     -- 3-- 


** اضاءات  **

إن تجربة الشاعر - محمد زغلال - عميقة إن على مستوى  الكتابات الشعرية  أو  التجارب النقدية  ، فجل ٱختياراته دقيقة وفعالة خاصة وأنه يستعمل نسقا خفيا يميز خصائص لغته الشعرية . وكأن كل قصيدة من شعره عبارة عن وطن متكامل الحدود  ، لن ينجح في الانتماء إليه إلا من يملك مفاتيح لغوية قوية ، يتحايل من خلالها على الفخاخ المدسوسة بين حدود الأجناس الأدبية . وهذا اعتراف منا بقوة تجربته وحرفيته العميقة في بلورة نصوصه الشعرية باعتبارها آثارا أدبية شاملة توحد بين ما هو متخيل ، وما هو مطابق لقواعد الصدق ، في حذر شديد كي لا يتم خلق هوة على مستوى الرؤية بين الصور الشعرية والصور البلاغية .
تبقى المرأة بالنسبة للشاعر  كسلة حمالة  للمفاتن يخصب بها الصور والمشاهد الحية التي تحرك الرغبة في النفس ، مستعملا أداة إرادية تمتص من ثدي اللغة قوتها ودفأها وسلطتها ، فيفقد المتلقي  السيطرة على التصنيف والبلورة . لأن الشاعر يضعنا بين أحضان صورة تنطق بما عجز القلب على ٱحتوائه . فهو يعرف كيف يجعل من المراة ومن وسلوكها صورا شعرية دون تنميق  أو زخرفة كي تبدو جذابة  لأن الجمال من طبيعة المرأة ، وإنما يجعلها محفزة للرغبات ، فيبقى القارئ  شاردا أو تائها بين صورة الأنثى  والصورة الشعرية . فدور الشاعر هنا هو توزيع المعاني على الصور والإشارات اللغوية الدالة عليها  ، بهدف خلق وحدة شعرية فنية متكاملة توحد بين شتات النص . فينكشف الانسجام الحاصل بين دور الكلام ودور الرؤية من خلال نسق متسليل لتجارب متكررة ، لنفس الشاعر . 

مليكة بغادة / فرنسا  

                                     -- 4--


** إضاءات **

ليس غريبا أن يبدع الشاعر - محمد زغلال - في صياغة منظومته الشعرية بشكل دقيق . مستعينا في ذلك على حسه النقدي  لفك نسيج الأحداث  في نصوصه  من خلال ٱندماجه التام في النص الشعري ، لأنه يسعى إلى توحيد السياق العام في المنظومة، بين ما هو لغوي وما هو نفسي  وغايته في ذلك الاشتغال على الصورة الشعرية من خلال  الطبيعة الفنية الناتجة عن الانسجام الجمالي الذي يطفح به  المكون الخلقي لشكل الأنثى . هدفه في ذلك الوصول إلى الخلطة الشرعية بين المنظومة الفنية للنص الشعري والمنظومة البلاغية لسياق الملفوظ . 
إن المتتبع لتجربته نادرا ما يجدها متسمة بالغرابة أو  الغموض ، وهذا ناتج عن امتلاكه لترسانة من الألفاظ القوية   التي تصلح لبناء العديد من الصور مهما كانت حالته النفسية  ناهيك عن قدرته على التلاعب بها لخلق معان جديدة  قادرة على التشكل باستمرار كلما دعت الحاجة إلى ذلك وفق ما تمليه  طبيعة الصور الشعرية ،  من خلال التكامل الإرادي للتوالد  المصطلحاتي الذي تسمح به اللغة ، لأنها حية وفاعلة باستمرار .

زغلال عبد الفتاح
مونريال / كندا 

                                    -- 5 -- 


★★  مدرسة بلقيس  ★★
،

بلقيس 
جعلتني أتوهم أني أكتب شعرا 
وأروي أحاسيسها هديلا 
من فتنة التجويد 
جعلتني أخسر الحرب على نفسي 
أكسر زجاج القلب 
وقد عودتها على النوم 
فوق أهذاب القصيد 
علمتني أن أعجن الشعر 
من دمع وماء ورد  
وأنقي العشق كفنان
من عيوب التجريد 
علمتني 
أن النساء في خلوتهن عنادل 
ما إن تغلغل همس ذكر في قلوبهن 
حتى توقفت حناجرهن 
عن التغريد .

                                    --6--

بلقيس 
أذابت بسخاء 
قطع الشمع فوق فؤادي 
وغرزت شوك الشوق بين أضلعي 
من الطلح والعناقيد 
وكانت تهرب كل ليلة 
من تابوتها 
تتمدد بجوف الحوت 
كي تحكي للبحر 
عن فكري المتقد . 
كلما دخلت حدائق شعر 
أفرزت من ملح البحر عطرا 
أزاح عن وجه الفراشات 
أثار التجاعيد 
كانت بلقيس تعلمني الحكمة 
تجعلني أمضي في جرحها 
مستوطنا بلاغة التوحيد 

                                   -- 7--

انتفضت من سحر بلقيس 
هدمت في مآقيها قصورا 
بناها النمل 
خندقا لسليمان 
بين الجفن والجيد .
مزقت ثوب العرس 
رميت الخاتم 
وكتمت صدى الصوت 
في أفواه الهداهيد 
كي لا تحدث سليمان 
عن سيدة بريئة 
تاجرت في مشاعري 
بخست السعر 
وعصرت من مساوئ الرجال 
خمرا ممزوجة ببقايا 
من تمرها اللذيذ . 

                                   --8--


أعتذر لقصائدي عن كل حرف 
اجتاز شراييني الحمقاء 
فوق شفرة 
وما خان حبل  الوريد 
أعتذر للذي أتاني بعرشها 
قبل أن يرسم الحياء 
على مرآة 
ضياء شكلها الفريد 
ويجعل المسافة بين قصرها وقلبي 
ومضة من ضوء 
ما شعرت برعشة  إلا وبلقيس 
تجمع من غرفتي 
ما تبقى من شظايا  التصفيد . 
أعتذر لنفسي 
حين بكت بحرقة 
بين أحضانها 
لما تقاسمنا المودة 
وشربنا من هدوئها الرشيد 


                                 -- 9 --


أعتذر للقطة التي نامت 
بين جدائلها 
وكأنها رشفت 
قلة من عتيق النبيذ .
 وبلقيس 
خرجت كي ترتب تاريخها 
على كوكب 
وتركتني أقشر رذاذ النسيم 
كي لا يتسلل إلى قصرها النضيد


                                   --10  --


              ★★ تفرد  وتمرد ★★


تريدني لنفسها كي تحتل القصيدة 
وتجرد اللغة من ألفاظها 
المرتعشة الرتيبة 
تحكي لي عن سيدات 
يصطدن أشباه رجال 
يرسمن لهم : 
حدائق بأحمر الشفاه 
لأميرة منتشية رهيبة 
وقلبي مشرد 
يجمع بقايا ذكريات 
لسيدة كسرت القلب 
بقراراتها العنيدة . 
تحدثني عن عشق 
وأقلام من قصب 
وأجساد فاتنة 
ملأت صفحات الجريدة 

                                     -- 11 --

أصغي إلى همس الليل 
يغري العقيق 
كي يتمرد 
على جيد طفلة رشيدة  
أنا لست ساحرا 
لأطوق في عينيك شكل السماء 
 ...ولا شاعرا 
أزيح غسق الليل  
عن الكواكب الشريدة 
فدعيها تسقط إن شاءت 
فإنها بموج عينيك 
ستكون وضاءة   كلؤلؤة فريدة 
تقول كلمات مجنونة لا أفهمها 
وأنا أنبش 
في عمقك السحيق 
عن امرأة 
تمنحني قبلة 
بألف قصيدة 

                               -- 12 --

رجاء 
لا تحدثيني عن عري ينهش أضلعي 
يكفيني فيك صوما 
فما بدل في نفسي غسق الليل 
أنك أميرتي وجنتي الوحيدة 
أنا ما عدت أملك  زمام القصيد 
إن أردت شاعرا 
فتوسلي لإله 
نام في جفن الحبيبة 
أنا ميت في كل الأحوال  
وإن نزعت من الأحداق
آخر تغريدة 
وعلقت ضفيرتك 
على أغصان الياسمين 
كي تؤلف العصافير المهاجرة 
من جرحي 
حكاية 
لقصتك الجديدة 

                                  --13 --

تقاسمت نفسي مع التي سكنتني
أعطيتها ما في القلب 
من حجل أو حجر 
وما أغناها عني 
دم الطريدة 
لتحكي في ذهول لمسار الشعر 
هل كان نزار 
هل أحيا أنا 
لأكمل القصيدة 


                                     --14 --


                    ★★ همسة مرة ★★

عشقتك 
ووشمت الكلمة على الورق 
فحل الخريف يا حبيبتي 
وتنصلت البراعم  من كسوتها 
وضاع الشوق 
وحلت في النفس ، مسحة الأرق 
طال الليل وتمنيت اللقاء 
فٱنطوى السقم في الضلوع 
وأصيب المركب بالغرق 
طويت العشق في قطعة قماش 
دفنت اللوعة بالقلب 
وزينتها بأوراق الحبق 

                                    --15--


كتبت اسمك عشقا فوق الخد 
فدمعت عيناي 
وٱنسابت الأحرف مع العرق 
فلا البحر عاد بحرنا 
ولا ٱحترقت بيننا
حمرة الشفق 
فوداعا حبيبتي 
هذا آخر همس بيننا 
إن وصلك مرا 
فإن أمانينا 
ٱنتحرت على مفترق الطرق 


                                   --16 --



               ★★ الحب كذبة كبرى  ★★

إلى هنا 
توقفي سيدتي 
لا سجال بيننا بعد اليوم 
عن حب جارف 
عن كذبة كبرى 
منسوجة من خبث وطرائف 
وأنك لن تنامي قبل أن تسمعي صوتي 
وأني أتراءى لك 
في كل المواقف 
وأن قلبك من غيري 
مرعب على الدوام 
كالجرح النازف 
لا تتوهمي أن الحب منذ حواء 
إلى شهرزاد  ... إلى ليلى 
ضاع  في عهد ملوك الطوائف 

                                  -- 17 --


وأن الشعر 
الذي لا يختصر تفاصيل عشقنا 
منحول 
كأوتار  تمردت 
على حنجرة العازف 
ٱستعيدي تفاصيل الحكاية 
فما أنا في تاريخي مجحف 
أو تدافعت في شعاب الصدر 
كالمجازف 
ولا لبست نعلا في ملاه ليلية 
ولا ٱستوطنت جسد مومس 
ولا تباهيت 
بزيف العواطف 

                                 --18 --


أنا رجل عربي 
ما ٱعتبرت الأنثى قطعة ماس 
ولا مومياء محنطة 
ترقص 
بين الرفوف والمتاحف 
لاتعلميني 
أن صدر المرأة ريش حمام 
وأني معجب في قدها 
بالخصر الكاشف 
أنا ما ٱدعيت هذا من وحيي 
وإنما هو مخلد 
في الكتب والصحائف 
لا تحدثيني 
عن صيغة نسيناها في العشق 
فإن الغواني 
إن أرهقهن الوصال 
شع ثغرهن كالبدر 
من خلف السوالف . 

                                  --19 --


             ★★ ليلة منسية من ليالي شهرزاد. ★★


كانت شهرزاد 
تعاني من خبث ملتبس 
لم تعد معه تقوى على الكتمان 
تسابق سيقان ٱلريح 
كمهرة جامحة 
تسلب ٱلكحل 
من ٱلأجفان 
تقودني إلى موت محقق 
كلما ٱنسلت من   وإلى القلب 
كٱلثعبان 
في ليلتها الأولى  
أهدتني سلة زنابق 
ونزعت من مسامي 
رهبة ٱلإيمان 
وتركتني كطفل 
ملفوف بين أحضانها 
ضائعا في جسد 
توقف ٱلقلب فيه 
عن ٱلخفقان 

                                    --20 --


حثى ٱلكمنجات فقدت أصواتها 
وٱعتلى أوتارها ٱلصدأ  
من طول ٱلحرمان 
ألا  جادت شهرزاد ، بمعجزة أخرى 
دحت فيها قرص ٱلشمس 
وأنطقت ٱلهلال ٱلموشوم 
بشفاه ٱلحسان 
ألا ٱستعطفت الغيوم ٱلمتمردة 
في سمائنا 
أن تنزل رذاذا 
من شقائق ٱلنعمان 
فتهاجمني كلبؤة متوهجة 
يغريني ٱفتراسها 
فأصاب 
بنوبة من ٱلهذيان 

                                    -- 21 --


في ٱلليلة ٱلألف 
جعلتني أهفو إليها حبوا 
أقطع المسالك ٱلوعرة 
من ٱلخاتم إلى ٱلخلخال 
أدك تلالها 
أشق جنونها ٱلموعود كٱلحصان 
أجوب حدائقها ٱليانعة 
لأنام تحت صفصاف 
قدها ٱلمرتجف 
منتشيا برحيق ٱلرمان  
أدني يا شهرزاد 
أعلني للقيامة 
أن بلالا تخلى عن صوته 
أني نسيت 
ٱنتعال صداك كٱلكمان 

                                   --22 --


وأني حدثتك عن فراشات 
حصنت بكاراتها 
ومشطت ما تبقى بوادي عبقر 
من ٱلجان 
وأن كفك يعتقل ٱلنيازك 
ويراقص أصبعك  
خاتم سليمان 
وأنك كلما ٱبتسمت 
تحول ٱلصخر إلى ياقوت 
ومرجان 
ألا ٱكتشفت ليلتك ٱلمنسية 
وٱعترفت لشهريار 
أن عشقي 
مسكوك في ٱلقلب 
وأن كرامتي 
لا تقاس بٱلذهب الرنان 


                                     -- 23 --


         ★★ لم تكن حبيبا بل مجرد ثعلب ★★
،
تبا لقصتي معك 
فما فكرت يوما 
أن أخدعك 
كم تمنيت أن أكون عقربا 
أن تتحقق أمنيتي 
أن أتخلص من عشقك ٱلمسموم 
أن ألدغك 
تهرب مني كنسيم على شط الرقراق 
وأنا كالنحلة البلهاء 
أنسى نفسي 
فأتبعك 

                                  -- 24 --


كم همست لي شعرا 
كم سحرتني قوافيك 
كم كنت بلسما لموجعك 
استرشدت بصوتك الدافئ 
كلما قادتني وحدتي 
إلى بيادر الشوك 
رشفت من جفن السمان 
مدمعك 
تبا لهذا الشوق الذي أذلني 
ولكل ليلة 
قضيتها معك 

                                   -- 25 --



                 ★★ جسر العشاق ★★


في باريس 
زحفت  زرقة البحر 
إلى عينيك السوريالية 
وتملكني الرعب 
حين تحول برج إيڤل 
إلى زنبقة عارية 
وأنت أيتها العاشقة ٱلحالمة 
في شوارع نوتردام 
تبحثين في تفاصيل طفلة 
عن أميرة فقدت رغبتها 
في شعر بودلير 
فتخلت لك عن لكنتها الفرنسية 
كل ٱلأسماء مرت من هنا 
كٱلأسماك 
تقص على ضفاف نهر السين 
أوراق زهرتي ٱلأقحوانية 

                                  -- 26 --


جاكلين 
رسخت سلالتها على صفحات موليير 
وعلقت على نوافذ كبدي 
فوانيسها العربية 
جاءت تعلمني 
على جسر الحب فن التعبير 
وتحدثني عن رغبة تولدت بقصائدي 
بعدما أبطلت مفعول جرعتي الخمرية 
يا سيدة 
راقصت ٱلبهاء في حدائق باريس 
ونامت كطفلة 
فقدت عقلها 
بين دراعي 
نوتردام 
سيدة ترتدي فساتين ٱلشعر 
وتحكي لأساقفة كنيسة سان-جيرمان 
عن قصص حب 
وبقايا حكاية 
عفنها بطش البورجوازية 

                                     -- 27 --


جاكلين 
كيف ٱحتال سحرك على السحر 
وجمد في ينابيع الوطن 
خواتمك الفضية 
كيف باعت التلال نهدها للسماء 
وٱرتهن عمري 
بتفاصيلك ٱلأنثوية 
يا  سيدتي 
كيف تحدثينني عن سيدات 
مبهمات _ موشومات 
وأنت وحدك 
غايتي الروحية 


                                    -- 28  --


                        ★★ مملكتي  ★★


بحكمته أنشأ الخلق 
وبث في قصائدي حكما وعبرا 
صور الكون على شكل مقلة 
لولا جفن حبيبتي 
ما دارت كواكب 
ولا تدفقت ٱلأرض أنهارا 
خلق حواء لتحرس الجنة 
سقط التفاح 
فٱزدادت ٱلأزهار خجلا وٱحمرارا
في قصيدتي 
أنبؤكم بشكل أنثى 
ما وطأت قدم أرض كوكب مثلها 
ولا عرفت جنة موعودة 
نظيرا لها احورارا 
لقد طهرت قصائدي من معاصي ٱلوهم 
وغسلت أبياتها بكحل 
يقوم المعنى وٱلأبصار 

                                    -- 29 --


أخذت من جلال ٱلملك ٱسمها 
وملكتها قلبا 
حرم من بعدها كل العذارى 
قبلتها خلسة 
فتحولت ٱلوجنتان إلى قبلة 
ما أمها يوما 
يهود ولا  نصارى 
كلما غربت بقلبي أنارته 
وحولت غرفتي 
كعبة وستارا 
أحكي لكم عن مملكة 
ملكت ملكها لسيدة 
وأعدمت في ساحة الصدر 
أشعارا وأسرارا 
ماذا إن أعلنت لكم أني أحبها 
ومنعت الشمس 
أن تضيئ كوكبها نهارا 

                                   --30 --


ماذا إن جعلت من تنهداتها كتبا 
ومن صدرها معبدا 
تدون فيه الشموس أسفارا 
كل البراكين في أحشائها خامدة 
فإن عانقتني 
سجدت ٱلسماء 
وبكت عشقا مدرارا 
هي ذي حبيبتي 
تهاوت من ٱلسماء نيزكا 
وحولت الدفء ٱلآسن 
في ٱلقلب 
إعصارا 


                                    -- 31 --


              ★★ طفلة تنمو في مفاصل ٱمرأة ★★



هذه رائحة العطر 
تبني جسرا من ٱلماء وٱلغمام 
وأنت طفلة حالمة تحبو 
بين مفاصل ٱمراة 
تبحثين عن حليب طري 
وعن ريش يمام 
في شعرك حدائق من قرنفل 
في عينيك 
محيط من ٱلليل 
يغازل غسق الظلام 

                                     -- 32 --


جميع ٱلعرائس  جمعتها 
زوجتها لسعف النخيل 
وحرمت عليها الرقص 
على فاحش ٱلكلام 
هل من منافس ؟ 
ينازعني كسب الرهان 
أبيعه حكايات تنتهي بلا أحرف 
وأبياتا 
فتلتها من قش ٱلحلفاء 
ونسجت سقفها 
شيحا 
على أعمدة من عظام 

                                    -- 33 --


إن نسيت أن أكتب 
إن تناسيت أن أختصر
في ٱللغة 
جاذبية ٱلأنغام 
انزعي مني تركيزي 
وٱدفني حماقتي 
على هضبة من رماد وحطام 
كي يصعد الدفء بخارا 
من برد 
إن مسته يداي 
فاض ثلجا 
ولمع ضياء من طوق ٱلحمام 

                                      -- 34 --


يا من بلعت خواتمها 
وفجرت  في معصميها 
دمالج العشق 
وأحرقت فوق صدرها 
دواوين الفرزدق 
وأبى تمام 
معذرة لكل أنثى 
إن لم أنصفها  
فقد لمت نفسي 
فٱغفري للعمر جرحه 
يا  قرينة الكلام 

                                        -- 35 --


                        ★★ تصفيد  قلب  ★★


أما آن لليراقات المحنطة 
أن تخرج نداها من الجسد 
ولليل ٱلبهيم 
أن يختلس من مقلتيها الكحل 
عله يعيد لها البريق 
بعد سهاد وكمد 
كلما أبكاني العتاب 
تحول رضابها في الحلق 
إلى حبات من البرد 
يا ٱمرأة نقت 
عطر نبيذها 
من الدمع وٱلزبد 
وتركتني ثملا 
أعلق شاماتها 
أنجما على الكبد 
كلما حاولت أن أعيد تفاصيل حسنها 
ٱرتجف القمر خجلا 
من العدد 

                                 -- 36 -- 


أما آن للطيور المهاجرة
أن تبني أعشاشها 
وتحجب الريح 
عن غصنها المرتعد 
كي تخيط على سجادتها 
نشيدا لهذا الجرح المتقد 
ها قد أزهرت دبابيسك بالقلب 
شوكا كالصفد 
وٱنتعلت الفراشات الحمقاء 
أزاهيرها 
فبكت العناقيد دما 
ونام الورد على خدك 
إلى  ٱلأبد 
إن وهبتني حبيبتي لجوف الريح
إن قاومت  العصافير المهاجرة عطشها 
هل يكفيني كأس 
من عصير دمعها ٱلمتجمد 

                                      -- 37 --


                ★★  أخرجي من جرحي   ★★
     

كيف تسرب الحب إلى قلبك 
في غفلة من ٱلكرب 
وعشقت الحنين ٱلمكدس 
في تراتيل ٱلطرب 
وسلبك حديثي الحلو 
فرقصت كمخبولة 
على صوت ٱلمزامير  والصخب 
تبتزين ذاكرتي كل ليلة 
تنقي فيها مواجع ٱلهدوء 
من تجاويف ٱلقصب 
ما بال بلقيس 
معلقة بضفيرتها 
على باب ٱلهيكل ٱلمخرب 
وسليمان يسخر الريح 
 ألا هبي ورودا 
وأزيحي الشرارة عن ٱللهب 


                                    -- 38 --

يا بلقيس 
كيف منعت من الصرف 
وتقزمت معانيك 
في ٱلحديث ٱلمسرب 
أتحبينني 
أم تراني أتوهم 
أني آخر الممالك ٱلعرب 
أمازيغية أنت 
أندلسية أنت 
كولادة صيغ فيها 
جمال ٱلفضة والذهب 
لا تتعجبي  
إن بكيت 
فإن بمقلتي ينابيع 
أزهرت بسحرها ٱلمجرب 
وامسحي دمعي في خفاء 
فٱلحزن إذا خالطه الدمع 
غار ٱلجرح في عمق ٱلنذب 


                                         -- 39 --


                  ★★  اعتراف  سيدة   ★★


أعترف لك 
أني أغرمت في شعرك 
بقوة التلميح 
وأن حبي لك بدأ بغزل 
ما رأيت يوما فيه 
علة للتجريح 
وأنك شاعر مجنون 
شرخ فؤادي 
بقول حلو صريح 
وأني مهما تجاهلتك 
ما ٱشتكى قلبك 
من قلة التوضيح 
أعترف لك 
أني أول ما أغرمت بك 
هاجت نفسي 
وتاق جيدي للتوشيح 

                                   -- 40 --


وأني ٱكتسبت في شعرك وجه قمر 
وأن حبك لي ليس حلما 
وإنما هوس 
تجاوز صدق ٱلمديح 
وأنه مهما طال ٱلزمن 
سأستسلم لأشعارك
وتطير حماقتي 
في مهب ٱلريح 
فما رحمني ٱلذي خفق بصدري 
وذاب 
كٱلحنظل في مدمعي ٱلمليح 
                                 
                                   

                                   -- 41 --


                       ★★   ذاتية صراع   ★★


تبا لقلب ضليع أذل صاحبه 
وحول عزيز قوم 
إلى زوج من ٱلنعال 
يا سيدة ٱلهاديات 
يا مرود ٱلورد في السلال 
انتعليني 
فما كانت قصتك يوما 
نسجا من ٱلخيال 
وما راعني 
إن كانت لبيبة مثلك 
تجافي السيئ من ٱلخصال 
فتبا لرجل من ذعره 
تكنف خلف ٱلظلال 
فمشت نفسه 
ضاحكة من جهله 
ورقصت ٱلحباحب بسوالف ٱلقمر 
من حجم ٱلضلال 

                                   --42 --


تبا للحياة 
حين ينال ٱلألم من الرجال 
ما أن يتوسدوا خصرها ٱلمتحول 
حتى تتعلق بالسماء 
وتترك لهم رث  ٱلحبال 
فما ٱلإستمرار إلا بحبيبة 
يصبح ٱلصبح من خدها 
ويزين رضابها شفاهي 
بلذة ٱلحسن والجمال 
فلا خير في أنيق 
وسم نفسه بالعطر
وأخفى في وقاره 
سوء ٱلفعال 
كلما سعى إلى عشق أنثى 
كان الصد نصيبا له 
بعد زوال 

                                 -- 43 --


ٱلرجال رجال 
كالأسود في زريبة إناثها 
../ إن جرحت ساء طبعها 
../ إن جاعت 
ما همها سمك ٱلعقال 
يا مزهرة الشفاه 
يا غجرية ٱلحجال 
كلما أيقظت في ٱلجرح مرارة الموت 
تحول نبض ٱلقلب 
إلى وخز من النبال 
لمن أشكو لوعتي 
وقد أسقمني ٱلهم 
وذاب ٱلعشق بكبدي 
فتطاير نداه 
مع رذاذ السعال 
يا من أعجبت في شعري 
بندرة ٱلمنال 

                                     -- 44 --


هل فاتك أني بدوي 
قد أفنى عمره 
بحثا عن ٱلمحار 
في قمم ٱلجبال 
متى أعود إلى نفسي 
وأشحد رجولتي 
على مخالب ٱلأحوال 
متى أحررها من السحر 
وأحتل من جديد 
ساحة النزال 
متى تلتفت ٱلحياة الي 
بإشراقة ٱلوصال 
وتسقيني حبيبتي من كفها 
عذب الزلال
تراقصني على نغم الصفاء 
فيريحني صدى ٱلخلخال 

                                    -- 45 --


             ★★ وداعا  ما كنت يوما حبيبي ★★


لا تبحثي في يومياتي 
عن شكل للفراق 
فما عدت أومن بالصدفة وٱلقدر 
كل أوراقي مكشوفة أمامك 
كشجرة تخلت عن ردائها 
لندرة ٱلمطر 
تبرجي إن شئت 
فما عاد يستهويني 
كثمان ٱلخبر 
ولا يغريني فستانك الرهيف 
إذ ٱلحباحب عرت الخيام 
من الوبر 
أعترف 
أنك كنت السماء لمملكتي 
وكنت النور لعين 
أمطرت كحلا من الحور 

                                   -- 46 --


لا تبحثي في مواسمنا 
عن أيام عجاف 
فإن حدق العيون جفت 
وملئ الطين فيها 
بالفحم وٱلشرر 
حضنت جرحك لأيام 
وما تحجرت 
مرارة الغياب 
مع ٱلكبر 
فلا تتركي عشقي 
يكابد لوعة التيه 
يسابق تلال الصبح المنتحر 
والنبال تختال الظلال 
علها تحدث طعنة 
تدخل الكبد 
في غفوة ٱلخطر 
كل ذكرياتي المعلقة 
عصافير منتحرة 
تدلت كأجراس 
ترقص بأعالي الشجر 

                                     -- 47 --


                   ★★ أمي والجرح الغائر  ★★

 
هذه ساحة من اللوز والتراب 
وٱلعشب ينحني للنائبات 
تعظيما وتبجيلا 
وكل الملائكة تنادي 
ٱفتحوا ٱلأبواب 
فإن الجنة تشدوا 
ٱلليلة لحنا جميلا 
أيها ٱلموت المهاب 
لم اخترت 
دون الملائكة أمي 
وكفنت في قلبي 
نشيدا نبيلا 
لم زدتني دمعا في المقل 
وفتحت عيني 
على بركان من ٱلحزن 
حاصر فرحتي 
ردحا طويلا 

                                   -- 48 --

أيها الطائر النقي 
الثائر التقي 
ألجم حزنك 
ولا تكن صنما ذليلا 
ها قد سكنت عمق السواد 
وما عاد قلبي يأبى 
أن يكون للموت خليلا 
يا أمي 
كلما ذاب حضنك في ٱلتراب 
ازداد ذكرك شموخا 
فأيقنت أنك لي 
يقينا وسبيلا 
كيف أعود إلى بيت من تراب 
وقد استهوى الطين 
أن يكون لك كفيلا 
ما بال غيابك زادني هما وكمدا 

                                     -- 49 --


فلم أعد كما كنت أمي 
وكأن أثر الفرح 
غادر مهجتي جيلا 
ها هي ٱلملائكة
تزين لحور العين ضفيرا 
والنبيذ يلمع في أكواب الفضة 
فيدب في قلبي 
زمهريرا  وألما ثقيلا 
في ربيع العمر 
كنت تقولين يا أمي 
أن أغصان التين تكتسي جمالا 
لكنك ما اعترفت يوما 
أن فراقك كالخريف 
ملكني جسدا عليلا 

                                   -- 50 --


يا نفس 
ألم ينته ألمك بعد ؟ 
يا قلب كفاك وجعا 
فإن الجرح عميق 
وقد فصل تفصيلا 
ٱلقلب  مشرد 
وٱلنفس تائهة 
فهذا عزائي رفيقا لك 
وٱلإكتئاب مدى ودليلا 
كم وددت 
أن أنشر في الكون فرحا 
أن ألجم في ساحة الوغى 
صليلا 
كم وددت 
أن أكتب فيك شعرا 
كم وددت 
أن يردم امتداد ٱلكون 
فينتفض الليل ليلة واحدة 
تتهاوى فيها الجبال 
من أجلك نزولا 

                                      -- 51 --


وأثبت للكون أنك
ما طردت من جنة 
ولا ارتجفت يداك 
حين دوى الصدى طبولا 
ها قد انتشى ٱلموت 
بمكارم ٱلميت 
وأوجع الحرمان فينا عقولا
ألم يذكرنا  التاريخ 
بملائكة 
سعين إلى الموت 
جنودا وخيولا 
فإن الغرفة يا أمي 
ضاقت وازدادت ظلمة 
فتحول القدى في العين 
إعصارا وسيولا 

                                     -- 52 --


                      ** عبق من الماضي  **


تذكرت حبيبتي 
فشدني الشوق إليها 
وزادني البعد 
شغفا وحنينا 
تسكعت بحذق العين كأنها قذى 
أفقد بوصلتي وجهتها 
فكانت لي قبلة ودينا 
استغفر الله الذي أنبأني 
كيف كان آدم 
ترابا وطينا 
ما هالني بعدها عظمة الجبال 
ولا رقصة أرض ثملت 
فكانت لي وحيا ويقينا 
يا نفس كلما اشتعلت وجعا 
فاض القلب كنزا ثمينا 
وكم ليلة خبأت القمر بخدرها 
كم قصيدة 
كنت لها الحارس الأمين 

                                     -- 53 --


أضناني الشوق إلى حبيبتي 
فتناءت العصافير عن ريشها 
وغنت الفيافي 
شذى وأنينا 
فنادى الهدهد من فوق الطود 
أبشر 
فحبيبتك اليوم أفرشت لك القبر 
حبقا وياسمينا 
فما كذبت الصدى 
ما كسرت المدى 
وتركت الصمت يخرج كل ما فينا 
قلنا لصهيل الخيل توقف 
إن افترقنا 
من ذا بعدها يشفينا 
فهذا عطر حبيبتي 
ينتعل حوافر الخيل 
هذا طيف حبيبتي 
صار لي عرينا 
فسجدت أقبل تربة فاحت 
عبقا من ذات حبيبتي 
وجعلتني لها قرينا 


                                     -- 54 --



                          ** أنا قدرك الأخير **


أقدم الدفء المسلوب من قصائدي 
على الانتحار 
وفاضت أبحر الشعر من جديد 
بشياطين 
زينت سماء حبيبتي بأنجم 
من شتلات الأزهار 
هل كان عشقك الليلي المصفى 
من قطر الندى لهيبا ؟ 
هل كان كفك المرتعش 
فوق صدري 
نوعا من الاحتضار ؟ 
كلما مارست في قصائدي 
بلاغة العشق 
تسلل إلى ضفاف شفاهك 
حرير الأشعار 
كلما أحسست أني سيدك الوحيد 
رميت عصاك 
فتحولت مقلتاي 
إلى بئر من الأسرار 

                                 --  55 --


أنا قدرك الأخير 
أحتويك 
إن ذابت الشمس على ضفافك 
إن أوشك همك الكبير 
على الانكسار  
إسألي
 الكحل الآسن في هضاب القلب 
كيف تحول ضياء الدمع 
إلى شكل من الأحجار 
إسألي 
الصدر الناهد 
وهو يغازل التماع الشمس 
كيف ٱحتضن في شعابه 
موكب الأقمار 
كلما نظرت إليك 
ازددت حياء 
ورسخ الإله في مقلتيك 
بلور الاخضرار 

                                   -- 56 --


أستغرب 
كيف تخلت حبيبتي عن عبيدها 
واستعبدت شذى قوافيك 
هامات الأحرار 
يا سيدة استبعدتني 
 من معركة الوجود 
لتمتص ثورتي 
من الضباب المكتسح 
لمجرى الأنهار 
فكانت آخر سيدة تهديني 
حدائق من العطر 
تحرق في نفسي الخبث 
وسوء الأقدار  

                                       -- 57 --


                        ** الذنب المحتضن **


ما عزت علي نفسي 
حين أحببت فيك شيئا نادرا 
ولا انتابني من أجلك الغرور 
فأنا الضياء 
حين تحتاجين إلى الدفء 
وأنت الكوكب الشامخ 
حول فلكي يدور 
أيا مهرة 
مزجت العلقم برضابها 
وتقاسمت الشكل مع الورد 
فكانت لي 
مفعول نبيذ 
يهدئني تارة 
وأخرى أثور 
رمت فيك نزق البراءة 
حين قلت : 
إنك تملكين المعجزات 
وأني أجهل أن سواد العين 
في مقلتيك يسبيه النور 

                                  -- 58 --


وأني أكتم في القلب شغفا 
كالموج في عينيك 
يحتويه البحر المخمور 
تعريني المتعة الخجولة 
تستنفر الألم المرتعد عن العشق 
كالفتنة الجامحة 
كالحمامة 
قطعت أوصالها الصقور 
فمن يضاهيني في مخاض الشعر 
من يعجن لك الكلمات مثلي 
ويحول حرقة القلب 
إلى قواف 
ترتعش أوتارها وتجور 
من يوقظني من حلم بدوية 
إن أحبتني 
رمم في حضنها العرش المنخور 


                                     -- 59 --


هل تعلم ؟ 
أني كلما انتابني وجع الفراق 
تخلصت 
من جتامين الشهداء القبور 
يا سيدة 
اغتسلت بدمي من خطيئتها 
حين أيقنت 
أن القوافي هجرتها البحور 
وأن آخر قصيدة 
كتبت فيها كانت غزلا 
وأن الشعر من دونها 
بهتان وزور 

                                    -- 60 --


فسلام عليها مني  إن أحببتها 
هل تجحد الجنة يوما 
انها مزيج من المتعة 
يتلاحم فيها 
المكشوف والمستور 
فهل كنت آخر مؤمن 
نفض سلالته بأرض 
تشردت بسمائها آخر أنثى 
فبكى لهجرها الذكور . 


                                     -- 61 --


                    ★★ - رقصة  الأفعى - ★★


يا ٱمرأة 
كشفت لي الأضواء عن قد لها 
يتماوج وسط الضباب 
كٱلقمر ٱلمنير 
عرفت كيف تهبني  فستانها الليلي 
وتفرغ في كأسي 
جرعات من رضابها ٱلمرير 
فٱلتوت في رقصتها كأفعى 
سحرت  وبهرت رجولتي 
وأعادت ما ضاع مني 
 في حلم 
صعب التفسير 

                                 -- 62 --


تزينت بخلخال من فضة  
وغطتني بشال من قطن 
كي تقيم علي ٱلحد 
أو تعلقني كأعشاش العصافير 
أوهمتني أن الكون قائم بين أحضانها 
كمائدة قمار 
لعبت آخر أوراقها 
فغدوت بين يديها 
كالعبد الأسير  
ما أن انشق رداؤها  
حتى أسكت في ٱلجداول عبث الخرير 


                                   -- 63 --


كيف أخاصم فيها الوجع 
وأنا أبحث في خصلات شعرها 
عن ممر يقود خطاي 
إلى نهاية شارعها الأخير 
كيف أصون نفسي منها 
وهي تغريني بأقداح  
تشعل في الصدر مواقد 
من لهيب الأعاصير
من ينتشلني منها ؟ 
من يخلصني من أفعى 
غطتني بحراشيفها
أوغلت الطعنات 
فٱستعنت على شيطانها 
بصلوات المستجير 

                                    -- 64 --


أيا امرأة 
أسكرتني بنبيذ رقصها 
فأنستني أبحر الشعر ،
 وتركتني كعنكبوت عالق . 
  بجديلة من الحرير 
باتت تغزل قبعة 
من ضفائرها الطويلة 
تسيج حدائقها  ليوم قمطرير
يا ٱمرأة تمايلت في رقصتها 
كسنبلة قمح 
تقوس عودها من حملها الوفير 
فشدني إليها دون غيرها شهيق  
 تنصل من حسرات الزفير


                                 -- 65 -- 


       ** في قلب كل قصيدة ،  امرأة نائمة  ** 


في شعرنا .. في عمرنا 
حيث المعراج يسائل الجياد المجنحة 
عن صوت خافت  
ينقض على النفس كالضرغام  
 عن أجراس كلما اخترقنا الممر الضيق 
 أرشدتنا نواقيسها  إلى قصيدة 
تنتعل  وجه الركام .

في شعرنا .. 
تموت كل الأشياء القبيحة 
  .. إلا  
الموسيقى .. / .
أصوات  الجميلات الغارقة  في الوحل . 
النجوم ..  / .
  ترجم جثثا تنزلق نحو الأرض، 
  العيون الباكية .. / .
تلف فراغا منزوع الأقدام .


                               -- 66 -- 


التائهون في الأفق 
الساهرون على حراسة أمانيهم 
 المترسبة في جب مهدم 
يسكنه  
 شيطان منتحل  لهيئة الظلام .
لم يبق من الشعر 
إلا إناث يحملن  قلوبهن 
كحبات فستق 
يختطفهن الشط 
يروض مسامعهن على هديل اليمام   
وقصائد ضالة ولدت فقط 
كي تشتكي وجع غربتها  
لنزيف  الأرحام  . 


                              -- 67 -- 


يموت الشعر إلا من امرأة 
تسمع بكاءها  لقلب حمال 
لهموم مجنونة يستغويها العشق 
حين يمتشقه  تاج  الأحلام . 
من يخلف الجمال في الشعر ؟
 ../ من يرث 
هذه المرآة التي تعري أطراف امرأة غافية 
محشوة كرصاصة في فوهة البركان ؟
من يجسر على استدراجنا   ... 
إلى جسد ينتظر الحريق ؟
من يتوهم أننا نستطيع أن نحتل 
واحة الجسد بالكلام ؟

لا أحد .. / .
أيها المقيم في المرايا المستباحة 
اختبئ  
فالمعاني  تتناسل كالجواري 
كقشة منتفخة بين الخيام . 


                                -- 68 -- 



__ الفهرس __ 

اهداء -------------------------------------- 1 
تقديم -------------------------------------- 2 
اضاءات ------------------------------------ 4 
اضاءات ------------------------------------ 5 
مدرسة بلقيس ----------------------------- 6 
تفرد وتمرد ------------------------------- 11 
همسة مرة ------------------ ------------- 15 
الحب كذبة كبرى ------------------------- 17 
ليلة منسية من ليالي شهرزاد ------------ 20 
لم تكن حبيبا بل مجرد ثعلب ----------- 24 
جسر العشاق ----------------------------- 26 
مملكتي ---------------------------------- 29 


                                       --- 69 ---


طفلة تنمو في مفاصل امرأة --------------- 32 
تصفيد قلب -------------------------------- 36 
أخرجي من جرحي ------------------------ 38 
اعتراف سيدة ----------------------------- 40 
ذاتية صراع -------------------------------- 42 
وداعا ما كنت يوما حبيبي ----------------- 46 
أمي والجرح الغائر ------------------------- 48 
عبق من الماضي --------------------------- 53 
أنا قدرك الأخير ---------------------------- 55 
الذنب المحتضن --------------------------- 58 
رقصة الأفعى ------------------------------ 62
 66 ----------  في قلب كل قصيدة امرأة نائمة    
                                                         
                            -- 70 --                               

Commentaires

التنقل السريع