القائمة الرئيسية

الصفحات

بين الاطناب والاختصار : رحلة الناقد الى وجدان المتلقي


 


بين الإطناب والاختصار: رحلة الناقد إلى وجدان المتلقي


حين يلتقي النقد بالإبداع، يصبح الكلام جسراً من المعنى تعبر عليه المشاعر قبل الأفكار. وفي خضم حوار عميق مع الناقد والقاص والبيبليوغرافي محمد إدارغة، برز سؤال يضيء مثل شرارة في ظلام التأمل: هل يمسك الناقد بزمام المعنى عبر التحليل المطوّل الذي يكشف خبايا النص وطبقات روحه، أم أن الومضة الموجزة، حين تُصاغ بصدق وإحكام، تكفي لتسكن قلب المتلقي؟

ذلك السؤال ليس مجرد مقارنة بين أسلوبين، بل هو بحث في الطريق الأصدق للوصول إلى وجدان القارئ، حيث يصبح النقد نفسه فعل حياة، لا مجرد قراءة على الورق.


هذا التساؤل لا يخص أسلوب الكتابة النقدية فحسب، بل يلامس جوهر الفعل النقدي بوصفه جسراً بين العمل الإبداعي والمتلقي. فالنقد، في عمقه، ليس مجرد تفكيك للبنية أو تحليل للعناصر، بل هو عملية شحن وجداني وفكري تجعل النص يعبر من الورق إلى القلب.


ولكي ينجح الناقد في هذه المهمة، لا يكفي أن يتسلّح بالأدوات المنهجية أو المعارف النظرية، بل عليه أن يمارس النقد كفعل تواصل إنساني حيّ. يبدأ ذلك بفهم النص في أعماقه، سابراً معانيه الظاهرة والخفية، ثم ترجمة هذا الفهم إلى لغة تجمع بين الدقة والجمال، بحيث تقنع العقل وتوقظ العاطفة في آن. وبين الإغراق في التحليل الذي يمنح النص أبعاده الكاملة، والاقتصار على الومضة التي تركز المعنى وتوجز الأثر، يظل المعيار الحاسم هو قدرة الناقد على الموازنة بين العقل والوجدان، والوفاء لصدقه الداخلي، ليكون النقد في النهاية رسالة تصل بلا حواجز إلى روح المتلقي.


وهكذا، فإن الناقد الحق هو من يدرك أن الطريق إلى وجدان القارئ قد يُختصر بومضة صادقة أو يمتد بقراءة متعمقة، لكنّ الأهم أن يبقى المعنى حيًّا، نابضًا، وقادراً على البقاء في الذاكرة بعد أن تُطوى الصفحة.


محمد ادارغة / عبد الله دكدوك  

المملكة المغربية .

أنت الان في اول موضوع

Kommentare

التنقل السريع