**حديث ليبرالي **
كانت تنظر إليه نظرة إعجاب واهتمام بالغين وهو يتكلم بثقة عالية كان حديثه آسر كما عادته ،فجأة سألته عن كلمة ٱلتقطتها وطالما رددها على أسماعها .
- ما معنى الليبرالية ؟
اعتدل في جلسته وكأنه وجد مادة دسمة ليتناولها ، وبعدما نزع عنه وبسرعة البرق قميص الرومانسي الحالم وارتدى قبعة السياسي المحنك . و قال برباطة جأش :
-الليبرالية باختصار هي فكرة فلسفية تظمن لك حق اختيار عيش حياتك بالأسلوب الذي تحبينه ، وحق التعبير عن افكارك بحرية دون قيود .
سكتت برهة وقالت بٱستغراب : هذه هي الليبرالية ؟
أجابها بكل ثقة : نعم
كانت مشدوهة أمام كلماته وكأنها اكتشفت شيئا جديدا لم تكن تعيه ولم تكن تدرك وجوده .واستكملت حديثها :
لكني لم أمارس هذه الليبرالية قط في حياتي .
أجابها متهكما :
كيف ؟ ألم تختاري يوما أسلوب حياتك.
أجابت لايف وغصة في حلقها :
-لا أنا لست حرة ولم أكن يوما حرة منذ ولدت الى يومنا هذا ، لم اختر أسلوب حياتي ولا طريقة عيشي ، كل شيء كان من اختيار الاخرين بدئ بإسمي هم من اختاروه لي فوجدتني أحبه ..حتى حبي لٱسمي لم يكن لي الاختيار فيه لقد كان الكل يمدحه حتى وجدتني أعشقه لرؤية إعجابهم به في أعينهم ورنين حروفه على ألسنتهم ..صرت احبه يعني تحصيل حاصل ليس إلا ..
قاطعها وكأنه يريد التحكم في دفة الحديث بدلا عنها .
-هذا فقط بخصوص اسمك وماذا عن مولدك وحياتك ألم تختاري يوما لعبة أعجبتك أو فستانا استهوتك ألوانه أو شيئا من هذا القبيل؟
-لعبة.. ؟! أجابت بتهكم وسخرية
- دعني أتذكر متى حصلت آخر مرة على لعبة ...ياه كان منذ زمن بعيد .. كانت تحاول التذكر و أضافت :
-ولم اخترها بنفسي ..هم من قام بإحضارها لي... على ما اذكر كانت عبارة عن دمية كبيرة الحجم ..
صمتت لبرهة وهي تحاول رسم ملامح هذه الدمية .فجأة صرخت:
- لم تكن لي .. كانت بشعة كان لها ضماد يصل بين ذراعها وكتفها . كان مكان تثبيته قد تآكل ولم يعد صالح لشيء . لم تكن طفولة صالحة لشيء حتى للتذكر .
تغيرت ملامحه واكفهر وجهه
-ما هذه القتامة ؟
نفث دخان سجارته واستطرد في اسئلته وهو ينزع عنه قبعة السياسي ليرتدي نظارة الطبيب النفسي محاولا ان يستشف غياهب ذاكرتها العميقة .
-وفساتينك ؟ ألم ترتدي يوما فستانا على ذوقك ؟
- لم يمنحني أحد فرصة الاختيار .
- لِم ؟
- كنت ارتديها على ذوقهم .كانت ملابسي تأتيني لم اذهب يوما لاقتناءها من المتجر ،
-وبخصوص مشاعرك ؟
-ماذا عن مشاعري ؟ ما الذي تقصده ؟
-ألم يكن لك حرية التعبير عنها؟
- لم احصل يوما على هذا على الشرف
ببساطة يا سيدي لم احصل على شرف ممارسة الليبرالية يوما ما .
- نجلاء غفران سراجي.
Commentaires
Enregistrer un commentaire