سؤال لابد منه ]
كيف يمكننا أن نفسر وحدات النص في تجربة الشاعرة : خديجة بوعلي. إن لم نتسم بالقراءة الحكيمة المتبصرة ، ونملك آليات الغوص الدقيق والعميق في نصوصها ، من خلال التعامل برقي وحس سليم بعيدا عن كل غلو في المشاعر ؟ .
وإلا سنكون كمن يردد صدى الجاهل بتشريح الظواهر الأدبية . - نخلط بين قطع شرايين القلب ، وقطع قطع البصل على مرأى من الدموع . - فنؤسس لعلاقة مشبوهة بين الألم والإنتقام .
( محمد زغلال محمد )
قصيدة :
** بين دفتي الصبر **
قصيدة حكمية بامتياز ، تلعب على الموازنة بين المادة والمدى ، حيث تنشر المادة ضجيجها الفيزيائي في فضيلة المدى . فهي تلخيص لتجربة من التأمل المدرك في طبيعة الحياة . دون فصل اليقين عن معطيات أوجدها محدث هذا الوجود . تسعى الشاعرة خديجة بوعلي ، للبحث في طبيعة الجمال عن ذرة صمت دون نسيان العودة إلى الهدوء الفكري كحصة حريصة على ضمان وجودنا .
** أزيز الشوق **
لم تكن هذه القصيدة أبدا مجرد لعبة للأفكار باعتبارها كائنا يتجاوز حدود القلب . بل إشارة تتجاوز الشأن الداخلي للشعراء الذين يبحثون عن وحدة منمقة تنام كصدفة في قلب كل امرأة .
حين تدخل الأنثى كنقطة ارتكاز إلى القصيدة ، تسمى عشوائية لأنها تبحث عن قلب يلامس التيارات الصوفية في عقل الرجل . ويصبح الرجل أعمى لأنه يبحث عن بهيميته الخشنة في صوت الموج كلما احتاج الى دفء يغفو في ملاءة تحملها إليه أنثى.
** شلل الحياة من صخب المارة **
قصيدة جميلة جدا ، توظف فيها خديجة بوعلي ( المطلق ) كنوع من التبصر الذي يغزو الصدى دون أن يرتجف الصمت المرتبط بروعة ما يفعله الرمز بأطراف كل قصيدة .
قصيدة تستنطق الكائنات الغير مرئية وهي تدرك أن الخيال نوع من الصمت الذي يقارب الأشياء بتبصر .
قصيدة شعرية تقودنا إلى ترجمة التكامل المنسوخ بأدق التفاصيل في تجربة الشاعرة من خلال رؤية بصرية لماض ، زرع الحياة بنوع من الحماسة في تفاصيله الصغيرة .
** مسامات تزهق النبض **
قصيدة في شكل لوحة فنية تعرض جمالها بطريقة لا تسيء للفهم المشترك للتعابير الجمالية الراسخة في الذوق الفني . جريئة إلى درجة تفضح الغموض المنكمش في المحظور ، لا مكان للابتذال خاصة أن القارئ مهيأ لاستقراء ما تترجمه الروح من أحاسيس مشدودة إلى قصيدة تطفح بالسحر .
** ليت العمر مسودة قصيدة **
الغزل نوع من المهارات المعبرة عن قدرة المرأة على التعامل بمنطق مع عواطفها بجاذبية ويقظة . هذا الإحساس نفسه يفرغ قهرا في شطحات شعرية وإن افتقدت إلى الموسيقى الهادئة لأن الأساس هو تدفق اللوحات الشفافة أمام الأعين اليقظى . حتى وإن تواطأت مع انسانيتنا المشبوهة .
هذه القصيدة جعلتنا نستوعب علاقة الشعر بالحياة حيث يلتقي الفن بالشكل المجرد من الجنون لإنتاج أدوار تحرق الاشتعال الذي يتقاسمه الشعر مع الحياة .
** كل الأفراح هراء **
هل يستطيع الشاعر أن يلتزم أخلاقيا تجاه المتلقي ، ويقسم أنه قادر على كشف الرعب في الأفكار والمواقف التي يعتمدها في بناء طموحه مرن ؟
ما يروج في هذه الحياة على الهامش لا يغدو كونه مزاجا يفتقر إلى الشجاعة باستخدام شكل من الغموض لكي لا ينكشف السر في مواقفنا من الحياة والإنسان .
... وإلا كيف يتصاعد من أنفسنا الغباء الذي يوازي ابتسامة تتقطر خبثا .
** ماذا بعد **
السؤال مشروع إن كان الهدف هو انتظار جواب منغم بطرب عابر ، مرتبط بالكلمات التي تخلق الضياء في الصور الشعرية دون أن يساهم ، البناء العام للنص ، في إنجاز خطيئة نتيجة رغباتنا المتعددة ، ونحن لا نصغي لاحد .
ماذا بعد ؟ إن كان الطريق نحو النجاح متموج وضبابي المسلك بين القلب والروح ، وغير معبد إلا للنخبة ، وأن المسرح الموسوم بالنزاهة ملك لمن يغني للعري والتفاهة .
** لا تنتظر درس الغراب **
أتدرين ، من شرع الغيرة في نفوسنا ، وجعلها علة لنقاش يحمل بصمات لخلود مجسد من شمع قبل أن تكشف الشمس عن طغيانها ؟
ما طبيعة هذا الإدراك القائم في ذاكرتنا إن كانت مهمته تخزين ما يعتقد أنه وحي ، أو سحر يتستر خلف آثار الريح ، ليكتسح قلوبنا دون مواعيد .
أغار من المبدع الذي قرض القصيدة حرفا حرفا ، وغرر بالقلب نبضا نبضا ، فما أروع أن نذوب في سراب الكلمات شعرا أو سحرا ، الخلود أن أموت ( أنا ) وتبقى ( أنت ) وزنا لقصيدة لا تتحمل حمل أجزائها.
** خفقات غروب **
قصيدة جميلة من وحي شاعرة تعمد إلى إيقاظ العصافير لكي لا يفوتها الغياب ، محاولة إبداع سماء جديدة ، كي تسهل عليها العبور بسلاسة .
هذا الأفق البسيط الذي لا يحتاج إلى آليات للنسخ أو تأشيرة لفنان يعرف كيف يعطيها إنطباعا .
تمضي الشاعرة نحو ذاكرتها كي توقظ الصور المسترخية دون أن تقرع باب الهاوية خوفا من أن تنفض الحياة من حولها . كل شيء يسير بين الجلد والأمنيات دون أن يحدث الألم كي تجتاز القصيدة بسلام هذه العزلة التي سببها خفقان هذا الغروب .
محمد زغلال محمد
المملكة المغربية .
Kommentare
Kommentar veröffentlichen