دراسة ، في رواية جدائل متعبة

 التوازن الدلالي في رواية - جدائل متعبة - من خلال نسقية المقروء

.

 توطئة 

  1-- انسجام المدرك الذهني

في تجربة سعدية بلݣارح .

 .

حين تمارس الأستاذة سعدية بلݣارح عملها الأدبي فهي لا  تخرق قانون الإبداع باستخدامها  للمفاهيم الثقيلة التي   تفرضها الأبحاث كي تتجاوب مع متطلبات الواقع ،وإنما تنغمس  بشكل جدي في كل قضايا المجتمع حتى يصبح خطابها مصدر إزعاج للقائمين على الشأن العام ، فهي دائما تجعل من مهمتها الأدبية صوتا معبرا على لسان كل المحرومين والمنبوذين الذين يعيشون مراثي الفقر والألم  ويصغون إلى الضجيج الذي يلوث تفكيرهم حتى لا يروا الواقع بشكل جميل وسلاحهم الوحيد هو الصبر المرتبط بالخنوع الكبير . 

هذا الفهم الدقيق النابع عن تجربة هو الذي جعلها  تكتب بطريقة استثنائية تنم عن قدرتها على تحويل التنافر والتناحر ما داما   يؤرقان   فئة من بنية المجتمع الى عمل أدبي  متوازن يتناسب فيه اللفظ مع معناه وتبرز فيه الموهبة الإبداعية حين تدرك أن أهمية المثقف تكمن في طرح القضايا التي لا تتلاءم مع القيم الأخلاقية للمجتمع بدل تعطير الصورة الكريهة لسلوك أفراده وهم ينخرونه من الداخل بتبنيهم لمبدإ الاعتماد على الترابط اللامنطقي للأحداث والخيارات الهشة لبناء قاعدة صورية لمجتمع فاضل . والمشكلة الأكثر تعقيدا هي إخفاء سيئاتنا وقدرتنا على تزييف مشاعر الإثم التي تنهض في الذات بين الفينة و الأخرى .  وما تناغم  الأحداث  من خلا كلل  عينات لغوية خالدة ، مع الظواهر المرتبطة بالصيغة المستعملة إلا دليل وعي بالآثار المدمرة التي تصيب الاقتصاد والأفراد   ، وهي بذلك تنقل للقارئ المتخصص عمق الرؤى التي تستلهم القوة من خلال التفكير الحر للأشخاص البسطاء 

فالكاتبة  لا تفسر الأشياء المكتسبة من خلال المقاربات الجوفاء بل تلملم لنا طبيعة المجتمع بتقنية العارف المختص ، إذ تجعل من المدرك الحسي نقطة ضيقة للارتكاز على مفهوم الأسرة داخل المجتمع من خلال انسجام المدرك الذهني الذي يتوافق مع طبيعة الاحتراس الذي يستدعي الانتباه كي لا تفهم أعمالها بسوء تقدير أو تقرن بالسقوط المبتذل الذي تبرره مظاهر الفطرة ، فهي تعمل جاهدة من خلال مساهماتها الواقعية على وضع القارئ أمام إحساس قوي بوجود صور وأحكام مصوغة بشكل راق وأشكال من العبارات المنمقة بطريقة رمزية تميل إلى السحر . 

غالبا ما تبشرنا الروائية سعدية بلݣارح بإمكانية وجود مجتمع نظيف ومتسامح إن نحن عمدنا إلى بناء منظومة أخلاقية منتجة بأعماق كل طفل ، حتى يزهر قلبه أشكالا من الأحاسيس والمشاعر الطيبة  بعيدا عن كل المغالطات التي يروجها البعض حول مسؤولية المجتمع في كل شيء ، وذلك بطرق رخيصة كي لا تعطينا مشروعية الوجود الإنساني المطلق الذي يتسم بالاستقلالية والحرية والتميز.

محمد زغلال محمد . 

رئيس مجلس الإدارة 

شاعر وناقد . 

.